لاأتكلم لا أنطق لا أجيب .. فقط يعلو صراخي ونحيب وأعجب لهذا الفراغ المريب
في غفلة وحيرة من جهل طريقه حُملت فأخذت لمكان علا بريقه ..
فاستقبلتني امرأة بإبتسامة طليقة وتأملتني وتفحصتني برؤية عميقة ..
فقلت تلك هي صديقة الدرب أمي الرفيقة .
أماه ، تغرّبت في هذه الدّنيا ، وكنت لي في غربتي وطن ..
تجرّدت من أحاسيسي وكنت لفؤادي شجن
أماه ، ضاعت بي سفينتي في بحر الحياة فوجهتني فأبحرت بسفن..
يكفيني بطاعتك نيل الجنات وبرضاك ملكت لها زادًا و مأن.
أماه ، ضاعت حروفي والكلمات عجزت أن تعبر عن طيب قلبك والحسن .
تجف سحابتي إذا أمطرت سحابتك وإذا رأت غيثك تخجل
فإذا عطفت وتفتحت ورودك آنذاك وردتي أمام عطائك تذبل
فإذا لدمعتي ذرفتي دموعك فإنّ جوارحي من أمرك تذهل
وإذا لبسمتي تعالت ضحكاتك عندها قلبي كيف يشكرك..يجهل .
أماه ، أطال اللّه في عمرك وليس ردّ الجميل لك يسهل ..
لا يملك القلب غير الدّعاء لك فأدخلك اللّه الجنان و ما تمنى قلبك يحصل
فكيف تكون النفس أهلًا لردّ حنانك والوقفات
وأنت كنت لتسرعي أناة ..ولمعاناتي مواساة ولصيحاتي سكنات ..
أنت التي نزلت في برّك آيات .. أنت أمي فخري للممات .. أنت لحياتي حياة .
تلك كانت كلمات لفتاة أوّل مرة تأخذ القلم بيدها لتعبّر عن ما في جوارحها في عيد الأم .. لم تكن تعلم كيف ستعبر أو من أين تبدأ ، جلست تتفكّر في أولى ذكرياتها مع أمّها وربّما أوّل خطوة تخطوها أو أوّل كلمة ماما نطقتها ، حين أدركت أنّ ذكرياتها معها أبعد من ذلك بكثير ..
كانت متيقنة أنّ كلامها غير مفهوم وأنّ أفكارها لا تصل مثلما تريد إيصالها ؛ إكتشفت أنّ الأمر صعب جدّا عليها وقد كانت تحسبه أسهل ما يكون .. لم تكثر من المسودات ولم تمزّق ما كتبته ولم تعد التفكير مرّتين كانت الكلمات تتوالى تباعا على ورقتها وهذا ربّما ما كان يحيّرها أنّها لم تبذل جهدا وتكتب نسخا كثيرة وتمزّقها كما كانت ترى في الأفلام أو قرأته في إحدى الروايات فكلّهم يكتبون ولا يرضيهم ما كتبوا ويعيدون الكتابة مرارا وتكرارا ؛ وهي أيضا متأكّدة أنّهم على حق ..
الوقت ليس بأيدينا والحياة وصعابها والتحكّم في ظروفها وتقلّباتها ليس بأيدينا ولكن المحبّة ونشرها والتعبير عنها وإسعاد من نحب ومن يهتمون لأمرنا هو شيء نمتلكه .

0 تعليقات
يسرنا أن تعلق برأيك وما هو إنطباعك حول الموضوع.